فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الحسن أيضًا {صواف} مثل عوار وهو على قول من قال فكسرت عار لحمه يريد عاريا وقولهم: اعط القوس باريها. وقرأ عبد الله وابن عمر وابن عباس والباقر وقتادة ومجاهد وعطاء والضحاك والكلبي والأعمش بخلاف عنه {صوافن} بالنون، والصافنة من البدن ما اعتمدت على طرف رجل بعد تمكنها بثلاث قوائم وأكثر ما يستعمل في الخيل {فإذا وجبت جنوبها} عبارة عن سقوطها إلى الأرض بعد نحرها.
قال محمد بن كعب ومجاهد وإبراهيم والحسن والكلبي {القانع} السائل {والمعتر} المعترض من غير سؤال، وعكست فرقة هذا. وحكى الطبري عن ابن عباس {القانع} المستغني بما أعطيه {والمعتر} المعترض من غير سؤال. وحكى عنه {القانع} المتعفف {والمعتر} السائل.
وعن مجاهد {القانع} الجار وإن كان غنيًّا.
وقال قتادة {القانع} من القناعة {والمعتر} المعترض للسؤال.
وقيل {المعتر} الصديق الزائر.
وقرأ أبو رجاء: القنع بغير ألف أي {القانع} فحذف الألف كالحذر والحاذر.
وقرأ الحسن والمعترى اسم فاعل من اعترى.
وقرأ عمرو وإسماعيل {والمعتر} بكسر الراء دون ياء، هذا نقل ابن خالويه.
وقال أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح أبو رجاء بخلاف عنه، وابن عبيد والمعترى على مفتعل.
وعن ابن عباس برواية المقري {والمعتر} أراد المعترى لَكِنه حذف الياء تخفيفًا واستغناءً بالكسرة عنها، وجاء كذلك عن أبي رجاء.
قال ابن مسعود: الهدي أثلاث.
وقال جعفر بن محمد أطعم القانع والمعتر ثلثًا، والبائس الفقير ثلثًا، وأهلي ثلثًا.
وقال ابن المسيب: ليس لصاحب الهدي منه إلاّ الربع وهذا كله على جهة الاستحباب لا الفرض قاله ابن عطية {كذلك} سخرها لكم أي مثل ذلك التسخير {سخرناها لكم} تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها فتطعنون في لباتها، منّ عليهم تعالى بذلك ولولا تسخير الله لم تطق ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرمًا وأقل قوّة، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهدًا وعبرة.
وقال ابن عطية: كما أمرناكم فيها بهذا كله سخرنا لكم لن ينال الله لحومها ولا دماؤها.
قال مجاهد: أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم منصوبًا حول الكعبة ونضح الكعبة حواليها بالدم تقرّبًا إلى الله، فنزلت هذه الآية.
وعن ابن عباس قريب منه، والمعنى لن يصيب رضا الله اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر، والمراد أصحاب اللحوم والدماء، والمعنى لن يرضى المضحون والمقربون ربهم إلاّ بمراعاة النية والإخلاص والاحتياط بشروط التقوى في حل ما قرب به وغير ذلك من المحافظات الشرعية وأوامر الورع، فإذا لم يراعوا ذلك لم تغن عنهم التضحية والتقريب، وإن كثر ذلك منهم قاله الزمخشري وهو تكثير في اللفظ.
وقرأ مالك بن دينار والأعرج وابن يعمر والزهري وإسحاق الكوفي عن عاصم والزعفراني ويعقوب. وقال ابن خالويه: {تناله التقوى} بالتاء يحيى بن يعمر والجحدري.
وقرأ زيد بن علي {لحومها ولا دماءها} بالنصب {ولَكِن يُناله} بضم الياء وكرر ذكر النعمة بالتسخير.
قال الزمخشري: لتشكروا الله على هدايته إياكم لإعلام دينه ومناسك حجه بأن تكبروا وتهللوا، فاختصر الكلام بأن ضمن التكبير معنى الشكر وعديّ تعديته انتهى.
{وبشر المحسنين} ظاهر في العموم.
قال ابن عباس: وهم الموحدون وروي أنها نزلت في الخلفاء الأربعة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{والبدن} بضمِّ الباءِ وسكون الدَّالِ. وقرئ بضمِّها. وهُما جَمْعا بَدَنةٍ، وقيل الأصلُ ضمُّ الدَّالِ كخُشُبٍ وخَشَبةٍ والتَّسكينُ تخفيفٌ منه. وقرئ بتشديدِ النُّونِ على لفظِ الوقفِ. وإنَّما سُمِّيتْ بها الإبلُ لعظمِ بَدَنِها، مأخوذةٌ من بَدُنَ بَدَانةً وحيثُ شاركها البقرةُ في الإجزاءِ عن سبعةٍ بقوله صلى الله عليه وسلم: «البُدْنةُ عن سبعةٍ والبقرةُ عن سبعةٍ» جُعلا في الشَّريعةِ جنسًا واحدًا. وانتصابُه بمضمرٍ يفسِّرهُ: {جعلناها لَكُمْ} وقرئ بالرَّفعِ على أنَّه مبتدأٌ والجملةُ خبرُهُ. وقوله تعالى: {مِن شَعَائِرِ الله} أي من أعلامِ دينهِ التي شرعها اللَّهُ تعالى. مفعولٌ ثانٍ للجعل. ولكُم ظرفُ لغوٍ متعلق به. وقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} أي منافعُ دينيَّةٌ ودنيويَّةٌ. جملة مستأنفةٌ مقرِّرةٌ لما قبلها.
{فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا} بأنْ تقولُوا عند ذبحِها اللَّهُ أكبرُ لا إله إلاَّ اللَّهُ واللَّهُ أكبرُ اللهمَّ منكَ وإليكَ {صَوَافَّ} أي قائماتٍ قد صففنَ أيديهنَّ وأرجلهنَّ. وقرئ {صَوَافنَ} من صَفن الفرسُ إذا قام على ثلاثٍ وعلى طرفِ سُنْبكِ الرَّابعةِ لأنَّ البدنةَ تُعقل إحدى يديها فتقومُ على ثلاثٍ. وقرئ {صَوَافِنا} بإبدالِ التَّنوينِ من حرفِ الإطلاقِ عند الوقفِ. وقرئ {صَوَافى} أي خَوَالصَ لوجهِ اللَّهِ عز وجل. وصَوَافْ على لغة مَن يُسكِّنُ الياءَ على الإطلاق كما في قوله:
لعلِّي أرى باقْ على الحدئانِ

{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} سقطتْ على الأرض وهو كنايةٌ عن الموت {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع} الرَّاضيَ بما عنده من غير مسألةٍ، ويؤيِّدهُ أنَّه قرئ {القنع} أو السَّائلَ من قَنع إليه قُنوعًا إذا خضعَ له في السُّؤالِ {والمعتر} أي المتعرِّضَ للسُّؤالِ. وقرئ {المُعترى} يقال عَرّهُ وعَرَاهُ واعترَّهُ واعتراهُ {كذلك} مثلَ ذلك التَّسخيرِ البديعِ المفهوم من قوله تعالى: {سخرناها لَكُمْ} مع كمالِ عظمِها ونهايةِ قوَّتِها فلا تستعصي عليكم حتَّى تأخذوها منقادةً فتعقِلونها وتحبسونها صافَّة قوائمها ثم تطعنونَ في لبَّاتِها {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} لتشكرُوا إنعامَنا عليكم بالتَّقرُّب والإخلاصِ.
{لَن يَنَالَ الله} أي لن يبلغَ مرضاتَهُ ولن يقعَ منه موقعَ القَبُولِ {لُحُومُهَا} المُتصدَّقُ بها {وَلاَ دِمَاؤُهَا} المُهَراقةُ بالنَّحر من حيث إنّها لحومٌ ودماءٌ {ولَكِن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ} ولَكِن يُصيبه تقوى قلوبِكم التي تدعُوكم إلى الامتثال بأمره تعالى وتعظيمه والتَّقرُّبِ إليه والإخلاصِ له. وقيل كانَ أهلُ الجاهليةِ يُلطِّخون الكعبةَ بدماءِ قرابينهم فهمَّ به المُسلمون فنزلتْ: {كذلك سَخَّرَهَا لَكُمْ} تكرير للتَّذكير والتَّعليلِ بقوله تعالى: {لِتُكَبّرُواْ الله} أي لتعرفُوا عظمتَه باقتداره على ما لا يقدرُ عليه غيرُه فتوحِّدُوه بالكبرياءِ، وقيل هو التَّكبيرُ عند الإحلالِ أو الذَّبحِ. {على مَا هدَاكُمْ} أي أرشدَكُم إلى طريق تسخيرِها وكيفيَّة التَّقرُّبِ بها. وما مصدريةٌ أو موصولةٌ أي على هدايتِه أيَّاكم أو على ما هداكم إليه. وعلى متعلِّقةٌ بتكبِّروا لتضمُّنهِ معنى الشُّكرِ. {وَبَشّرِ المحسنين} أي المُخلصين في كلِّ ما يأتُون وما يذرُون في أمورِ دينهم. اهـ.

.قال الألوسي:

{والبدن جعلناها لَكُمْ مّن شعائر الله} أي من أعلام دينه التي شرعها الله تعالى، والبدن جمع بدنة وهي كما قال الجوهري: ناقة أو بقرة تنحر بمكة.
وفي القاموس هي من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم تهدي إلى مكة وتطلق على الذكر والأنثى وسميت بذلك لعظم بدنها لأنهم كانوا يسمنونها ثم يهدونها، وكونها من النوعين قول معظم أئمة اللغة وهو مذهب الحنفية فلو نذر نحر بدنة يجزئه نحر بقرة عندهم وهو قول عطاء وسعيد بن المسيب، وأخرج عبد بن حميدة وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لا تعلم البدن إلا من الإبل والبقر.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل والبقرة فقال: وهل هي إلا من البدن، وقال صاحب البارع من اللغويين: إنها لا تطلق على ما يكون من البقر، وروي ذلك عن مجاهد والحسن وهو مذهب الشافعية فلا يجزى عندهم من نذر نحر بدنة نحر بقرة، وأيد بما رواه أبو داود عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» فإن العطف يقتضي المغايرة وفيما يأتي آخرًا تأييد لذلك أيضًا، والظاهر أن استعمال البدنة فيما يكون من الإبل أكثر وإن كان أمر الإجزاء متحدًا.
ولعل مراد جابر بقوله في البقرة: وهل هي إلا من البدن أن حكمها حكمها وإلا فيبعد جهل السائل بالمدلول اللغوي ليرد عليه بذلك، ويمكن أن يقال فيما روي عن ابن عمر: أن مراده بالبدن فيه البدن الشرعية، ولعله إذا قيل باشتراكها بين ما يكون من النوعين يحكم العرف أو نحوه في التعيين فيما إذا نذر الشخص بدنة ويشير إلى ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن يعقوب الرياحي عن أبيه قال: أوصى إلى رجل وأوصى ببدنة فأتيت ابن عباس فقلت له: إن رجلًا أوصى إلى وأوصى ببدنة فهل تجزى عني بقرة؟ قال: نعم ثم قال: ممن صاحبكم؟ فقلت: من رياح قال: ومتى اقتنى بنور رياح البقر إلى الإبل وهم صاحبكم إنما البقر لأسد. وعبد القيس فتدبر.
وقرأ الحسن، وابن أبي إسحاق، وشيبة، وعيسى {البدن} بضم الباء والدال، قيل وهو الأصل كخشب وخشبة وإسكان الدال تخفيف منه، ورويت هذه القراءة عن نافع، وأبي جعفر.
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضًا بضم الباء والدال وتشديد النون فاحتمل أن يكون اسمًا مفردًا بنى على فعل كعتل واحتمل أن يكون التشديد من التضعيف الجائز في الوقف وأجرى الوصل مجرى الوقف، والجمهور على نصب {البدن} على الاشتغال أي وجعلنا البدن جعلناها، وقرئ بالرفع على الابتداء، وقوله تعالى: {الله لَكُمْ} ظرف متعلق بـ الجعل، و{مِن شَعَائِرِ الله} في موضع المفعول الثاني له، وقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} أي نفع في الدنيا وأجر في الآخرة كما روي عن ابن عباس وعن السدي الاقتصار على الأجر جملة مستأنفة مقررة لما قبلها، {فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا} بأن تقولوا عند ذبحها بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك. وقد أخرج ذلك جماعة عن ابن عباس، وفي البحر بأن يقول: عند النحر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر اللهم منك وإليك.
{صَوَافَّ} أي قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن فهو جمع صافة ومفعوله مقدر، وقرأ ابن عباس، وابن عمر وابن مسعود، والباقر، ومجاهد، وقتادة، وعطاء، والكلبي والأعمش بخلاف عنه {صوافن} بالنون جمع صافنة وهو إما من صفن الرجل إذا صف قدميه فيكون بمعنى صواف أو من صفن الفرس إذا قام على ثلاث وطرف سنبك الرابعة لأن البدنة عند الذبح تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث، وعقلها عند النحر سنة، فقد أخرج البخاري.
ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه رأى رجلًا قد أناخ بدنته وهو ينحرها فقال: ابعثها قيامًا مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
والأكثرون على عقل اليد اليسرى، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يعقلون يد البدنة اليسرى وينحرونها قائمة على ما بقي من قوائمها.
وأخرج عن الحسن قيل له: كيف تنحر البدنة؟ قال: تعقل يدها اليسرى إذا أريد نحرها، وذهب بعض إلى عقل اليمنى؛ فقد أخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان ينحرها وهي معقولة يدها اليمنى، وقيل لا فرق بين عقل اليسرى وعقل اليمنى، فقد أخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن عطاء قال: اعقل أي اليدين شئت.
وأخرج جماعة عن ابن عمر أنه فسر {عَلَيْهَا صَوَافَّ} بقائمات معقولة إحدى أيديهن فلا فرق في المراد بين صواف وصوافن على هذا أصلًا، لَكِن روي عن مجاهد أن الصواف على أربع والصوافن على ثلاث.
وقرأ أبو موسى الأشعري، والحسن، ومجاهد، وزيد بن أسلم، وشقيق، وسليمان التيمي. والأعرج {صوافي} بالياء جمع صافية أي خوالص لوجه الله عز وجل لا يشرك فيها شيء كما كانت الجاهلية تشرك، ونون الياء عمر وابن عبيد وهو خلاف الظاهر لأن {صوافي} ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، وخرج على وجهين، أحدهما: أنه وقف عليه بألف الإطلاق لأنه منصوب ثم نون تنوين الترنم لا تنوين الصرف بدلًا من الألف، وثانيهما أنه على لغة من يصرف ما لا ينصرف لاسيما الجمع المتناهي ولذا قال بعضهم:
والصرف في الجمع أتى كثيرا ** حتى ادعى قوم به التخييرا

وقرأ الحسن أيضًا {عَلَيْهَا صَوَافَّ} بالتنوين والتخفيف على لغة من ينصب المنقوص بحركة مقدرة ثم يحذف الياء فأصل {صَوَافَّ} صوافي حذفت الياء لثقل الجمع واكتفى بالكسرة التي قبلها ثم عوض عنها التنوين ونحوه.
ولو أن واش باليمامة داره ** وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا

وقد تبقى الياء ساكنة كما في قوله:
يا باري القوس بريا ليست تحسنها ** لا تفسدنها وأعط القوس باريها

وعلى ذلك قراءة بعضهم {صوافي} بإثبات الياء ساكنة بناءً على أنه كما في القراءة المشهورة حال من ضمير {وَجَدْنَا عَلَيْهَا} ولو جعل كما قيل بدلًا من الضمير لم يحتج إلى التخريج على لغة شاذة {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أي سقطت على الأرض وهو كناية عن الموت.
وظاهر ذلك مع ما تقدم من الآثار يقتضي أنها تذبح وهي قائمة، وأيد به كون البدن من الإبل دون البقر لأنه لم تجز عادة بذبحها قائمة وإنما تذحب مضطجعة وقلما شوهد نحر الإبل وهي مضطجعة {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع} أي الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة ولا تعرض لها، وعليه حمل قول لبيد:
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه ** ومنهم شقي بالمعيشة قانع

{والمعتر} أي المعترض للسؤال من اعتره إذا تعرض له، وتفسيرهما بذلك مروى عن ابن عباس وجماعة، وقال محمد بن كعب، ومجاهد، وإبراهيم، والحسن، والكلبي: {القانع} السائل كما في قول عدي بن زيد:
وما خنت ذا عهد وأيت بعهده ** ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعًا

{والمعتر} المعترض من غير سؤال، فالقانع قيل على الأول من قنع يقنع كتعب يتعب قنعًا إذا رضي بما عنده من غير سؤال، وعلى الثاني من قنع يقنع كسأل يسأل لفظًا ومعنى قنوعًا، وعلى ذلك جاء قول الشاعر:
العبد حر إن قنع ** والحر عبد إن طمع

فاقنع ولا تطمع فما ** شيء يشين سوى الطمع

فلا يكون {القانع} على هذا من الأضداد لاختلاف الفعلين، ونص على ذلك الخفاجي حاكمًا بتوهم من يقول بخلافه.
وفي الصحاح نقل القول بأنه من الأضداد عن بعض أهل العلم ولم يتعقبه بشيء، ونقل عنه أيضًا أنه يجوز أن يكون السائل سمي قانعًا لأنه يرضى بما يعطي قل أو كثر ويقبله ولا يرد فيكون معنى الكلمتين راجعًا إلى الرضا، وإلى كون قنع بالكسر بمعنى رضي وقنع بالفتح بمعنى سأل ذهب الراغب وجعل مصدر الأول قناعة وقنعانا ومصدر الثاني قنوعًا.